الحوار الكردي- الكردي في روجآفا
دعا القائد العام لقوات سوريا الديمقراطية، الجنرال مظلوم عبدي، مجدداً إلى إعادة تفعيل الحوار الكردي – الكردي بين الأحزاب السياسية الكردية في سوريا.
جاءت دعوة مظلوم عبدي خلال كلمة له في منتدى نظمه “مركز روج آفا للدراسات الاستراتيجية” حول مئوية “اتفاقية لوزان”، الذي عقد مؤخراً في مدينة الحسكة شمال سوريا.
ورغم أن اتفاقية “لوزان” استهدفت الكرد بأبشع صورة منذ مائة عام، وإلى الآن، وشتتهم ككومة حجر، فإن التقارب الكردي في روجآفا في ظل هذه الظروف الخطيرة والمعقدة، ضرورة ملحة بالنسبة لمصير شعبنا، بعد كل تلك الصعاب والمآسي التي حلت بشعبنا وفق اتفاقيات دولية، ووفق الأحداث المتسارعة يجب على الكرد أيضاً وهم يشهدون على مئوية “لوزان” أن يكون لديهم رؤية استراتيجية حيال ما حدث وما يحدث من مخططات لطمس مكتسباتهم في روجآفا على وجه الخصوص، لاسيما وأن المؤتمرات الخارجية لم تنتهِ وكلها لا تصب في صالح الكرد بعد سنوات مريرة من الأزمة.
إذاً، ترتيب البيت الكردي كانت أولوية وستظل أولوية، ولكن وفق استحقاقات لا وفق أمزجة، وأجندات خارجية، أي بما يخدم مصالح ومكتسبات شعبنا في روجآفا بعد كل تلك التضحيات، وهذا ما يزيد من مسؤوليات قائد قوات سوريا الديمقراطية، لأنه راعي ذلك الحوار، وعلى الجميع تلبية الدعوة سريعاً دون شروط ودون أية حجج.
قبل ثلاثة أعوام بدأت الأحزاب الكردية السورية بمبادرة من قوات سوريا الديمقراطية ووساطة أمريكية ومتابعة فرنسية، حواراً من أجل توحيد الخطاب السياسي لها، وبعد أشهر من المباحثات والإعلان عن تفاهم أولي، توقفت بسبب خلافات إدارية، وحجج لا مبرر لها.
يتركز الحوار الكردي – الكردي، على ثلاثة بنود مهمة من شأنها ترتيب البيت الكردي، بعد كل تلك العداوة التي تتربص بالكرد داخلياً وخارجياً، وهي:
*- بناء مرجعية كردية سياسية عليا للكرد في روجآفا، وقد تم الانتهاء منها قبل ثلاث سنوات.
*- إيجاد آلية مناسبة لدخول أحزاب المجلس الوطني الكردي إلى مؤسسات الإدارة الذاتية في روجآفا وشمال وشرق سوريا، وفق محاصصة متفق عليها.
*- بحث الشأن العسكري، وتم إبقاء هذا البند منوطاً بقائد قوات سوريا الديمقراطية لإيجاد آلية لها، بعد الاتفاق مع الجانب الأمريكي.
وسط كل هذا الصراع، والتهديدات القائمة على الكرد والإدارة الذاتية، يتطلب وبمسؤولية تامة، استئناف الحوار الكردي – الكردي مجدداً دون أية تأخير، لأنه مطلب سياسي وجماهيري، ويريح الجانبين الأمريكي والفرنسي في نفس الوقت.
تظل المخاطر قائمة، وسط ما هو قائم، وما بدء بعض دول الجوار السوري، منها تركيا والأردن والبنان، بإعادة اللاجئين السوريين إلى مناطقهم في سوريا، سواء بضغوطات أو دون ضغوطات، إلا نوع من فرض الواقع السلبي على المناطق الكردية، وبات هذا الأمر يكشف عن إنهاء الحرب، وبداية البحث عن حلول سياسية بعد سنوات مريرة من الحرب، والأولى بالكرد أن يكونوا السباقين إلى ترتيب خطابهم السياسي وتعزيز الوحدة القومية، أكثر من أي وقت مضى، طالما أن المؤامرات قائمة والمؤتمرات متسلسلة وكلها لا تصب في مصلحة روجآفا وشعبها.
لقد تم عقد مؤتمرات كثيرة حول الأزمة السورية، ولكن لم يكن هنالك أي مخرج لصالح حل الأزمة وتخفيف أعبائها، والبلاد برمتها تعيش حالة اقتصادية مزرية، وباتت ثلث الجغرافيا السورية مدمرة، ومسألة إعادة الإعمار، لم تبحثه بعد مؤسسات الأمم المتحدة أو الدول العربية التي تجد في نفسها الأقرب إلى سوريا وضرورة إعادة إعمارها ويهمها الاستقرار السياسي فيها.
على الجانب الآخر، فإن الكرد رغم أنهم فتحوا جغرافيتهم أمام اللاجئين السوريين سواء القادمين أو المرحلين من تركيا والأردن ولبنان، فإنهم بدأوا بترتيب حوارات تزيد من الاستقرار، ومنها الحوار السوري – السوري مع كتل سياسية معتدلة، إلا أن الأهم والأكثر الحاحاً هو ترتيب البيت الكردي سياسياً والاستجابة لما أطلقه قائد قوات سوريا الديمقراطية، دون أية ذريعة.
الكرد كانوا السباقين في كل المبادرات وطرحهم على الدوام للحوار والتفاهم مع عموم الأطراف الأخرى في سوريا وخارجها، سواء مع المعارضة السورية الداخلية والخارجية ذات التوجه الديمقراطي، وذات مساعي التغيير، وحتى مع ما يسمى بـ “الائتلاف السوري المعارض”، وأيضاً مع السعي الدائم للحوار والتفاهم مع حكومة دمشق، فإنهم مطالبون اليوم أكثر من أي وقت مضى، بالعودة إلى الحوار الكردي – الكردي، لأنه الحوار ذاته الذي يفضي إلى خلق ارتياح عام في الشارع الكردي السوري أولاً، والشارع الكردستاني ثانياً، والأهم النظر إلى هذا التقارب والتكاتف بأعين مسؤولة من قبل المجتمع الدولي الذي يعول على الدور الكردي الهام والمحوري، راهناً، وربما مستقبلاً، في سوريا المقبلة.
فتح الله حسيني