آراء

“الاتيكيت” السوري.. الهمجية التركية

   عوائق كثيرة، ومصاعب جمة تعتري طريق المصالحة المزعومة بين قطبي دمشق وأنقرة، أههما:

*- الرفض الأمريكي الواضح حيال ذلك التقارب غير المجدي للحل السياسي، بل يعمق الأزمة أكثر.

*- عدم قدرة روسيا وحدها كقطب في سوريا في فرض إرادتها وحدها على الخارطة السورية الممزقة.

*- المدة ستكون أطول مما حلم ويحلم بها الجانبان، والتي تتطلب فيها الانسحاب التركي من جميع الأراضي السورية المحتلة.

*- مصير المناطق المحتلة بعد خروج تركيا وفرض سيطرة دمشق مجدداً عليها، كنوع من الزعامة الجديدة.

*- مصير المعارضة العربية /الإسلامية، المقيمة بين أنقرة واستنبول غازي عنتاب بعد ضرب نخب المصالحة بين الأسد وأردوغان.

   وهنالك عوائق أخرى بكل تأكيد، ستتبين مع الزمن الذي ستستغرقه مدة الوصول بجدية إلى صيغ توافق بعد ما يقارب العقد والنصف من ضروب العداوة المكشوفة والعلنية، بين سوريا وتركيا.

   بالتزامن مع الرسائل الإيجابية الواردة عن أنقرة بشأن التطبيع مع دمشق، وصلت رسائل تركية إلى المعارضة العربية/ الإسلامية أيضاً، بل وتحذيرات قاسية، بوجوب تقبل الواقع الجديد الذي سيتم فرضه خلال عملية اللقاءات المتتالية في عواصم مختلفة، سواء الأمنية أو السياسية، حتى الوصول إلى عقد اجتماع ثنائي بين الأسد وأردوغان، وربما اجتماع ثلاثي أو رباعي بمشاركة روسية وإيرانية، إذ أوضحت روسيا عن فحوى رسالتها دون تردد: نريد مصالحة بصيغة “أستانا” أي الحضور الإيراني أيضاً، لما لإيران من اليد الطولى في عملية المصالحة أو العداوة على حد سواء.

   بعد أربعة عشر عاماً من القطيعة بين الجانبين السوري والتركي، أرسلت كلتا الإدارتين مراراً وتكراراً رسائل “إيجابية” وشبه “سلبية” لإعادة تأسيس العلاقات مجدداً بين البلدين، غير أن عملية التطبيع هذه أزعجت أغلبية فصائل المعارضة العربية/ الإسلامية في المناطق التي كانت ترفع وتمجد العلم التركي وتستخدم العملة التركية وتعول على أردوغان في إيصالها إلى الجنة الموعودة، جنات في جرابلس والباب وإعزاز وعفرين.

   لم يعد خافياً، أن المخابرات التركية عقدت سلسلة اجتماعات مع قادة “الجيش الوطني” و”الحكومة المؤقتة” ويجب عليها أن تحترم، وإن كانت بالقوة، قرارات أنقرة في التودد إلى دمشق، وأن رجاءاتهم من دمشق للتوصل إلى حلول لطمس شمال وشرق سوريا، ولم يعد لوجودهم معنى في غرب الفرات، وأن السلطات التركية ستفرض المزيد من العقوبات على أي حركة معادية في مناطق “غصن الزيتون” و”درع الفرات” و”نبع السلام” في المستقبل.

   إلى ذلك، كشف تقرير لموقع “ميدل إيست آي” البريطاني، أن التطورات نحو تطبيع العلاقات بين سوريا وتركيا، تدفع الولايات المتحدة الأمريكية، نحو تغيير استراتيجيتها، والبدء بالعمل بحزم ضد التطبيع الذي يراد له التتويج، حتى يتم التوصل إلى حل سياسي للأزمة المستمرة من 14 عاماً بالتمام والكمال، وسط “الاتيكيت السوري.. والهمجية التركية” نحو المصالحة، أي هدوء دمشق، وضجيج أنقرة.

   وذكر الموقع المذكور أن واشنطن أبقت رسمياً على اعتراضها على تطبيع حلفائها مع دمشق، لكنها تخلت عن سياسة نشطة في هذه القضية، في إشارة إلى قوات سوريا الديمقراطية.

   وتطرق “ميدل إيست آي” إلى تصريح للسفير الأمريكي السابق لدى سوريا روبرت فورد، الذي شدد على أن “الأسد ضعيف جداً في مواجهة الأمريكيين، لكن سوريا وتركيا اللتين تعملان معاً قد تحاصران قوات سوريا الديمقراطية”، كما اعتبر فورد أن محاولات الوساطة العراقية مرتبطة بهدف إيران المتمثل في إخراج القوات الأمريكية من سوريا.

   على ما يبدو أن عوائق التصالح كثيرة، والطرق إليها معقدة للغاية، والأهم أن المصالحة النهائية ستطول كثيراً، وستأخذ وقتاً أكثر من اللازم رغم تفاؤل الروس والأتراك، وشبه تشاؤم من جانب الأسد، الذي يعرف خداع الدولة التركية، وربما يتورط الأسد، بدعم روسي في تفاهمات مع أنقرة، ولكن لن تكون بداية الهدوء ونهاية الصراع في الجغرافيا السورية، طالما أن المصالحة الداخلية غير حاضرة، وإرادة الشعوب السورية مغيبة عن قصد.

فتح الله حسيني

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى