الحلول الجادة لقضايا الشعوب… والقشمرة
في الظروف الراهنة التي يمر بها عموم الشرق الأوسط، بكل مخاطرها الجسيمة وتداعياتها الواسعة التي تشمل العديد من دولها، وبخاصة الدول التي تقتسم كردستان، والتي تستشعر الخطر، أقدم الإرهابي والفاشي دولت بهجلي زعيم الحركة القومية التركية المتطرفة على خطوة غريبة بقيامه بمصافحة نواب (DEM Partî) في البرلمان، وتصريحه بأنهم والكرد أخوة، ويجب أن نتصالح، ليلتقط الرئيس التركي رجب طيب أردوغان هذه الحادثة بتأييدها وتردادها، واستمراراً لهذه المبادرة صرح بهجلي أنه يدعو القائد عبد الله أوجلان إلى الحضور في البرلمان، والتصريح بإلقاء السلاح وحل حزب العمال الكردستاني، هكذا مجاناً، أي أن يحضر القائد أوجلان إلى البرلمان ويعلن الاستسلام.
إنها مسرحية سيئة الإخراج والأهداف، ولا يمكنها أن تنطلي حتى على السذج من الناس، بل أنها تخفي نوايا عدوانية واضحة، ذلك أن الشعب الكردي قد تعلم من تجربته المريرة والطويلة مع الفاشية التركية بأنها عندما تتحدث عن السلام فإنها تبطن نوايا عدوانية جديدة.
المعروف أن حزب العمال الكردستاني أعلن مراراً، ويدعو إلى الحوار لحل القضية الكردية، وحل باقي المسائل الديمقراطية في تركيا بشكل سلمي عبر الحوار الديمقراطي، ولكن القيادة التركية والمتطرفون الأتراك هم الذين يرفضون ذلك، ويعملون بشكل محموم على حل القضية عسكرياً، وفي ظل قعقعة السلاح.
أثبتت الوقائع والأحداث منذ /40/ عاماً أن لا حل عسكرياً للمسألة الكردية في شمال كردستان، سوى أن هذا الحل يؤدي إلى المزيد من سفك الدماء والخسائر الاقتصادية، إضافة إلى اشتداد الميول العنصرية ضمن المجتمع في تركيا، وبالتالي ضرب الأمن والاستقرار في الشرق الأوسط، وإذا أراد أردوغان وبهجلي المصالحة والتآخي فعلاً، فعليهما العمل من أجل حوار حقيقي لحل القضية الكردية سلمياً، ويفضل أن يكون ذلك تحت رعاية دولية.
لن تنعم الدول التي تقتسم كردستان وعموم الشرق الأوسط بالأمن والاستقرار دون إيجاد حل سلمي وديمقراطي للقضية الكردية، وعلى أردوغان وبهجلي الانخراط في الحل السلمي الحقيقي، وعليهما أن يعلما بأن هناك فروقاً كبيرة بين الحلول الحقيقية والجادة لقضايا الشعوب وبين حلول القشمرة والتنكر والخداع.
بقلم: صالح عباس