آراء

سيناريوهات الحل واللاحل في سوريا

   من المرجح أن تجري دمشق وأنقرة محادثات على مستوى وكالات الاستخبارات في المستقبل القريب، دون شروط مسبقة.

   وبحسب صحيفة “حرييت” التركية، فإن هنالك ضوء أخضر من جانب بشار الأسد للاجتماع بين الجانبين السوري والتركي، بعد أن أعلن الأسد أن الانسحاب العسكري التركي ليس شرطاً أساسياً للتحادث، وبحسب وصف الصحيفة المقربة من القصر الجمهوري التركي فإن حديث الأسد الأخير كان رداً إيجابياً منه مما يفضي إلى احتمال إطلاق مفاوضات تطبيع رفيعة المستوى بين أنقرة ودمشق.

   يأتي ذلك، وسط تشعبات وتعقيدات الأزمة السورية، جبهات قتال مفتوحة في الكثير من المدن، سواء بين الفصائل المسلحة ذاتها التي تدعمها تركيا، أو بين قوات دمشق وقوات سوريا الديمقراطية، تلك المعارك التي بقيت “مجمدة” ولم تنته بعد.

   الوساطة الروسية، من أجل تسريع التطبيع بين سوريا وتركيا، باتت تأخذ ثمارها، ولكن بكل تأكيد ستكون على حساب تمديد عمر الأزمة السورية، التي تقترب من عامها الخامس عشر، دون وجود إرادة دولية للحل السياسي، وعدم وجود بوادر من جانب النظام في دمشق، أو عدم وجود الرغبة الروسية للتوافق مع الجانب الأمريكي من أجل إيجاد مناخ ملائم للتسوية السياسية بعد فشل الحلول العسكرية، التي دمرت البلاد وهجرت العباد.

   خطاب بشار الأسد الأخير، أمام البرلمان السوري، ركز على ضرورة المرونة في السياسات الخارجية، ولكنه تنصل من ضرورة المرونة في السياسات الداخلية، لأن متطلبات نجاح التفاوض يعني المرونة الداخلية أولاً، حيث إيجاد الهدوء في الخارج، والتصعيد في الداخل يعني تمزيق البلاد أكثر.

   يطمح أردوغان إلى إعادة العلاقات الدبلوماسية مع دمشق، على حساب المعارضة العربية التي كانت مقرها الأساس مدينة “استانبول”، وأن بلاده مستعدة لتلبية شروط الأسد من أجل التقارب السياسي والدبلوماسي، وهذا ما دعاه إلى قول “أنهم سيردون بشكل إيجابي عندما يتخذ الأسد خطوات لإصلاح العلاقات مع بلادنا، لأننا في السابق لم نكن أعداء مع سوريا بل كنا نجري لقاءات أسرية مع الأسد”، بحسب صحيفة “الزمان” التركية المعارضة.

   في هذه الأثناء، يتم الحديث عن إحياء اتفاق “أضنة” السياسي في الواجهة والأمني في السر، والذي وقعته تركيا وسوريا العام 1998 وشكل الاتفاق نقطة تحول رئيسية في مسار البلدين، إلى الواجهة من جديد، هذا الاتفاق الذي منح التعاون والتنسيق في جميع المجالات أهمها الأمن، مما أعطى الاتفاق طابعاً سرياً /أمنياً، أكثر من الطابع السياسي/العلني، وربما كان أهم نقاطها إعطاء تركيا حق تأمين أمنها “القومي” في الداخل السوري حتى عمق خمسة كيلومترات، وهذا ما عملت عليه تركيا طوال السنوات الطويلة السابقة، إلا أن دمشق بقيت في مدرج المتفرج.

   إذاً، على الدوام تمسكت أنقرة باتفاق “أضنة” وعملت عليه، بينما ظلت دمشق تخشى على كرسي الحكم فحسب إلى أن وصلت الأزمة إلى ذروتها حالياً.

   عودة اتفاق “أضنة”.. التركي – السوري إلى الواجهة من جديد، بعد خمسة عشر عاماً من استمرار الأزمة السورية، يعني العودة إلى المربع الأول في الفوضى وفرض أجندات أنقرة على النظام في دمشق، أنقرة ذاتها، التي أججت الأزمة السورية وكانت السبب الأساس في استمراريتها إلى يومنا هذا، سواء على صعيد الدعم العسكري للفصائل السورية المدربة في تركيا أو عبر رفض التوافقات الدولية بما يخص التهدئة في الخارطة السورية.

   سيناريوهات الحل واللاحل السياسي في سوريا، مازالت في صراع حام غير هادئ البتة، والأحداث متسارعة، والمجهول يتربص بالأزمة السورية الدموية دون رادع داخلي أو خارجي.

فتح الله حسيني

مقالات ذات صلة

شاهد أيضاً
إغلاق
زر الذهاب إلى الأعلى