في النظرية والممارسة
يعتقد بعض السياسيين أن تجربتهم السياسية العملية، وطول فترة عملهم الحزبي قد أوصلهم إلى ذروة المعرفة بكل شيء، وأنهم لم يعودوا يحتاجون إلى التدريب والقراءة والمطالعة، وهناك البعض الآخر من المتعلمين والمثقفين يعتقدون بأنهم قد حصلوا على المعرفة بكل جوانبها، ويهملون مسألة التجربة وتراكم الخبرات العملية، والطرفان على خطأ.
المعرفة لها جناحان، هما النظرية التي تحتاج إلى الدراسة والقراءة الشاملة والاطلاع الواسع على العلوم الإنسانية والطبيعية، على الأدب والفن والفلسفة والتاريخ والعلوم الاجتماعية، وفي عصرنا الراهن استيعاب آخر تطورات الثورة العلمية والتكنولوجية…الخ، وأما الجناح الآخر فهو التجربة العملية والخبرات المكتسبة من الواقع الملموس والاطلاع على تجارب الآخرين.
لا تكتسب المعرفة إلا بتوفر هذين الجناحين واتحادهما لدى الشخص الذي يمارس العمل السياسي أو أية أعمال أخرى سواء كانت عامة تتعلق بالمجتمع أو خاصة تتعلق بالفرد، وقديماً قال الكرد: “Bi pirsin ji kalên zemanan û ji xortên geryayî” والذي يعني اسألوا الشيوخ المسنين وكذلك الشباب الذين تجولوا كثيراً، ويعكس هذا المثل التجربة العملية والتاريخية للحكماء الكرد الداعية إلى اتحاد النظرية بالممارسة، وعلى ذلك يتوجب على المناضلين الذين يعملون في الحقل السياسي أن لا يكتفوا بما يسمعونه في الاجتماعات الحزبية والإعلام الحزبي فقط، وأن يعلموا أن تجربتهم النضالية في أحزابهم السياسية غير كافية، عليهم أن ينكبوا على المطالعة والقراءة، وعدم الاكتفاء بالمعلومات على وسائل التواصل الاجتماعي وغيرها من وسائل الإعلام كالتلفزيون فقط بالرغم من أهميتها، وبهذا فإنهم سيطورون معرفتهم ويصقلون تجربتهم النضالية.