آراء

مؤتمر “أستانا” الجديد، وفشل مسار الحل السياسي

   لم يركز، كالعادة، مباحثات “أستانا” بنسختها الثانية والعشرين، بشأن الأزمة السورية، بأي مخرجات جديدة ومجدية حول التهدئة المنشودة في مسارات الأزمة السورية السياسية والعسكرية، كما ولم يخرج اللقاء بأي تهيئة لإيجاد أرضية للحل السياسي المنشود في سوريا، في ظل عدم تنفيذ أي خطوات حقيقية على الأرض منذ اللقاءات السابقة، مثلها مثل سلسلة مؤتمرات “جنيف”.

   رغم أن جدول أعمال اللقاء الجديد في “أستانا” تزامن مع انعقاد “القمة العربية – الإسلامية” الطارئة في السعودية، والتي حضرها بشار الأسد، ونظيره التركي رجب طيب إردوغان، من دون أن يلتقيا، الا أنه على ما يبدو مسارات الحل للأزمة السورية لم تجد طريقها إلى وضعها على طاولة التفاوض الدولي الشامل غير المنقوص، نظراً لأن جميع أطراف الصراع غير حاضرة في تلك اللقاءات، وهذا ما يفشل تلك اللقاءات المجانية، والتي في حقيقتها مضيعة للوقت وتمديد لعمر الأزمة المستفحلة التي تدفع ضريبتها القصوى الشعوب السورية.

   ربما، ما أفشل الوصول إلى مخرجات ترضي الجانب التركي، قبيل البدء بالمؤتمر وفي خطوة استباقية لأي متغيرات على الأرض، هو تجديد الممثل الخاص للرئيس فلاديمير بوتين إلى سوريا، إلكسندر لافرينتييف، رفض بلاده أي عملية عسكرية برية في سوريا، حيث شدد أيضاً، أن روسيا لا تزال تأمل أن يمتنع الجانب التركي عن هذه الخطوات الاستفزازية، لأنها قد تكون لها عواقب سلبية على سوريا نفسها.

   رغم أن جدول أعمال المؤتمر، بحسب الخارجية الكازاخية، ضم اجتماعات تشاورية ثنائية وثلاثية بين وفود، إيرانية، روسية، تركية، سورية، وسيتم التطرق إلى مناقشة تطورات الملف السوري والجهود الرامية إلى التوصل لحل سياسي شامل، وتدابير الثقة وملف المفقودين، إضافة إلى الوضع الإنساني وملف إعادة الإعمار وعودة اللاجئين السوريين، إلا أنه على ما يبدو لم يتطرق المؤتمر إلى أي من تلك النقاط المعلنة، مما يؤكد فشل هذا المؤتمر أيضاً كسابقاته من سلسلة المؤتمرات التي تقعد حول إيجاد حلول سياسية للأزمة السورية.

   بطبيعة الحال، أن إقصاء الأطراف الرئيسة من المؤتمرات التي تعقد حول سوريا وأزمتها وملفها الساخن، هو السبب الرئيس في عدم التوصل إلى خارطة طريق يفضي إلى التهدئة وعدم التصعيد، خاصة من الجانب التركي، الذي يجد نفسه في حالة حرب دائمة مع روجآفا وشمال وشرق سوريا دون أي مراعاة للمقومات السياسية والإنسانية.

   في ذات السياق أيضاً، أعلن المبعوث الخاص للرئيس الروسي إلى سوريا، ألكسندر لافرنتييف، أن كلاً من سلطنة عُمان، ومصر، والسعودية، والعراق أعلنت استعدادها لاستضافة اجتماعات لجنة مناقشة تعديل الدستور السوري، في ظل فشل أستانا 22.

   وأشار لافرنتييف إلى أن جنيف هي المكان الوحيد المرفوض من الجانب الروسي، في حين أعربت موسكو عن استعدادها للعمل في أي من الأماكن الأخرى المقترحة، وحسب المبعوث الروسي، وردت اقتراحات لعقد الجلسات في كل من العاصمة العمانية مسقط والعاصمة المصرية القاهرة، حيث يبقى الخيار المصري مطروحاً على الطاولة، كما كان هناك خيار تنظيم الاجتماعات في العاصمة السعودية الرياض، وكل ذلك أيضاً يصب في خانة غياب الإرادة الدولية الحقيقية للحل أو إيجاد مناخ ملائم للحل والتسوية السياسية.

   إذاً، بين التصعيد التركي، والتفرج من جانب دمشق، على التدخل التركي في الأراضي السورية، دون موقف، وعدم قوة الموقف الروسي، ووضع خرائط جانبية دون اشراك الكرد والجانب الأمريكي في توضيح مسارات الحل، يعني أن الحل ما زال بعيد المنال عن إرادة السوريين ككل.

فتح الله حسيني

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى