الشعب الكردي هو الهدف الرئيسي للعدوان الشعب الكردي ينهض من جديد
-1-
تؤكد كافة الأحداث والتطورات في المنطقة أن الشعب الكردي هو الهدف الرئيسي لعدوان الدول التي تقتسم كردستان، وإن كان ذلك يجري تحت يافطات ومسميات تحاول إبعاد الشبهة عن الأهداف والممارسات على مختلف الصعد.
قبل أيام قام النظام السوري عبر جيشه النظامي ومرتزقة الدفاع الوطني والميليشيات الإيرانية وشخصيات عشائرية هي في الواقع بنادق تحت الطلب بهجوم على مناطق الإدارة الذاتية شرقي نهر الفرات أفشلته قوات سوريا الديمقراطية، وسكان المنطقة الذين يلتفون حول هذه القوات، وكان من الواضح أن النظام السوري وعملاؤه لم يكونوا لوحدهم، وإنما شاركتهم تركيا في ذلك عبر قصفها الإجرامي لمناطق الإدارة الذاتية، وتحريكها لمرتزقتها من ما يسمى بالجيش الوطني السوري، وشاركت فيها إيران عبر ميليشياتها المتواجدة بكثرة في المنطقة، وكان الهجوم يهدف إلى احتلال بعض الأراضي في المنطقة، وإحداث القلاقل في مناطق الإدارة الذاتية وبالتالي إضعاف قوات سوريا الديمقراطية، وإضعاف الإدارة الذاتية، والهجوم التركي على إقليم باشور كردستان يأتي أيضاً في إطار العدوان العام للدول التي تقتسم كردستان واحتلال مناطق منه، وإن جرى تغطية هذا العدوان باسم محاربة حزب العمال الكردستاني، وواضح أن كل هذا العدوان يقع على المناطق التي حقق فيها الشعب الكردي انتصارات ومكاسب هامة.
واضح أيضاً أن الاتفاقيات العديدة بين كل من تركيا والعراق، وبخاصة الاتفاقية الأمنية الأخيرة التي أجازت توسيع تركيا لقواعدها العسكرية في إقليم كردستان، والسماح لها بتحرك أوسع في العراق تحت ذرائع مشاريع التنمية المشتركة تقع مباشرة تحت محاربة الشعب الكردي في جنوب كردستان، والتضييق على الكيان الفيدرالي، ولم تأتِ أحداث كركوك الأخيرة بمعزل عن التوافق بين الدولتين.
وفي إيران تزداد حالات أحكام الإعدام بحق مناضلي الشعب الكردي ونشطائه، وإيران هي الداعم الرئيسي لممارسات النظام السوري ضد الإدارة الذاتية، والهجوم الأخير للنظام على مناطق الإدارة الذاتية كان بمشاركة ومباركة مباشرة منها، إضافة إلى أنها هي التي تعطي الضوء الأخضر لحكومة شياع السوداني في الاتفاقيات بين العراق وتركيا والتضييق على حكومة إقليم جنوب كردستان.
-2-
كل الأحداث والوقائع تثبت أن الدول التي تقتسم كردستان متوافقة على ضرب الشعب الكردي، وإضعاف نضاله في وقت تنهض فيه القضية الكردية من تحت الأنقاض، وقطعت شوطاً مهماً في النضال من أجل الحرية وتحقيق الأهداف المشروعة للشعب الكردي.
لقد تجاوزت القضية الكردية البعدين المحلي والإقليمي، وهي تدخل باقتدار إلى البعد الدولي، وهي مرحلة متقدمة من النضال تتيح لها التقدم والنجاح نحو الانتصار، وهذا مؤشر هام يجب أن تدركه كافة أطراف حركة التحرر الوطني الكردية، وأن تعمقها ليصل الجميع إلى القناعة الأكيدة بأنه لن يكون هناك أمن واستقرار في الشرق الأوسط، بل في العالم ما لم يتم إيجاد حل عادل لهذه القضية.
إن محور أستانا الذي يتكون من الدول الأربع التي تقتسم كردستان (تركيا، إيران، العراق، سوريا) بقيادة روسيا يشكل الآن رأس الحربة الموجهة ضد نضال شعبنا، ولنتذكر الآن أن جميع قرارات هذا المحور الصادرة حتى الآن موجهة ضد الإدارة الذاتية الديمقراطية، ولا يمكن فصل الهجوم الأخير للنظام السوري ومرتزقته على مناطق الإدارة الذاتية شرقي نهر الفرات، وكذلك عملية التطبيع بين النظامين التركي والسوري، وكذلك الاتفاقية الأمنية الجديدة بين العراق وسوريا، وأيضاً احتلال تركيا لمناطق واسعة في إقليم جنوب كردستان عن التوجهات المشتركة بين الدول التي تقتسم كردستان، وبالتالي عن توجهات محور أستانا.
في عملية التطبيع بين تركيا والنظام السوري، السيد شياع السوداني وسيط بينهما، يلعب دور المساعد في إنجاز اتفاق التطبيع، ولكنه في الاتفاقية الأمنية الأخيرة مع تركيا فضح توجهاته السلبية الكامنة وراء موقفه، وكذلك فعلت تركيا وإيران سواء بتوجهاتهما العامة أو بممارساتهما على الأرض، مع أن الدور الروسي في التهدئة وفك الحصار عن مدينتي الحسكة وقامشلو كان إيجابياً، ومن الأفضل مطالبة روسيا بمراجعة سياساتها المتعلقة بالقضية الكردية بشكل عام.
على الحركة الوطنية الكردية الإدراك التام بأن هذه التوجهات المعادية لتطلعات الشعب الكردي إنما تأتي في ظل تصعيد حاد في العلاقات الدولية، وفي ظل تداعيات الحرب في كل من أوكرانيا وغزة التي ستنعكس بالتأكيد على الشعب الكردي وعلى قضيته القومية سلباً أو إيجاباً، ولهذا يجب حساب هذه الأوضاع بدقة وبمسؤولية للاستفادة القصوى من الظروف الدولية الحالية.
-3-
إن القضية الكردية في عموم أجزاء كردستان يجب أن تطرح بوضوح تام، والأخذ بعين الاعتبار الظروف الخاصة بكل جزء من سياسية واجتماعية وثقافية، ولكن مع عدم إضاعة البوصلة الرئيسية التي تضمن تمتع الشعب الكردي بكامل حقوقه القومية والديمقراطية.
في سوريا عامة، وفي روجآفاي كردستان – شمال وشرق سوريا، فإننا نرى أن صيغة الإدارة الذاتية الديمقراطية هي الأكثر تجاوباً ليس فقط مع تطلعات الشعب الكردي، وإنما مع تطلعات عموم الشعب السوري، خاصة أن هناك قبول واسع من قبل جميع شعوب ومكونات سوريا، لأن سوريا دولة متعددة القوميات والأديان والمذاهب، لأن جوهر الإدارة الذاتية الديمقراطية التي تعتبر حكومة محلية تمتلك مجالسها التشريعية والتنفيذية والقضائية تضمن نظام اللامركزية السياسية التي تعتبر الأقاليم حكومات محلية تمتلك مجالسها التشريعية والتنفيذية والقضائية، وتضمن بالتالي بقاء سوريا ديمقراطية متحدة، سوريا لجميع السوريين، يتمتع خلاله جميع السوريين بخصوصياتهم، وفي نفس الوقت فإننا نرفض صيغة اللامركزية الإدارية (الإدارة المحلية) التي طبقت في سوريا بالقانون رقم /107/ وطبقت منذ عام 1972.
إن الإدارة الذاتية الديمقراطية، واللامركزية السياسية كنظام للحكم ينبعان من منبع واحد، ويصبان في هدف واحد، ولهذا نرى أن صيغتي الإدارة الذاتية الديمقراطية واللامركزية السياسية، يجب أن يكونا القاسم المشترك في أي توافق بين أطراف الحركة الوطنية الكردية في سوريا، كما يجب أن يطرحا كأساس لحل الأزمة السورية من جهة، ولحل القضية الكردية في سوريا من جهة أخرى.