آراء

رسائل الشام.. رسائل روجآفا

   لم تكن المواجهات بين قوات سوريا الديمقراطية وقوات نظام دمشق، الأولى، في هذه الفترة الأخيرة، لكنها تعتبر الأكثر تعقيداً، إذ حاول نظام دمشق إرسال رسائل واضحة إلى روجآفا، وقوات سوريا الديمقراطية في مدينة “دير الزور”، بعد تعقيد العلاقة بين الطرفين السوريين، مذ بدأت دمشق تتحدث عن المصالحة الخارجية مع تركيا، وإهمال المصالحة الداخلية مع الكرد.

   إذاً هنالك طرفان الأول: قوات سوريا الديمقراطية، المدعومة من الولايات المتحدة الأمريكية، الذي يجاهد من أجل استتباب الأمن، والطرف الثاني: النظام السوري، الذي يوجه بوصلة المعارك إلى المدن السورية وزعزعة الأمن، وكأنه يحارب قوى خارج الجغرافيا السورية.

   الأمور توجهت نحو التأزم، في محاولة من كل طرف فرض إرادته على الطرف الآخر، بينما كان الأجدى تقوية لغة التفاهمات بين الجانبين، إلى أن تدخلت القوات الروسية من أجل فض النزاع والبدء بجولة من المفاوضات حتى توصل الطرفان إلى التهدئة.

رسائل الشام من تلك المعارك كانت:

*- ضرب العشائر العربية الموالية لقوات سوريا الديمقراطية في “دير الزور” رغم سيطرة قوات سوريا الديمقراطية وقوات التحالف الدولي على تلك المناطق.

*- الإعلان عن المواجهات بأنها ضد ميليشيات تتعاون مع الخارج، علماً أن المفاوضات لم تتوقف بين قوات سوريا الديمقراطية ونظام دمشق أبداً، منذ أكثر من سبعة أعوام.

*- تغطية الحدث من قبل وسائل إعلام النظام، بأن المعركة محاولة لخلق “انتفاضة العشائر العربية” ضد القوات الكردية.

أما رسائل روجآفا فكانت:

*- إن عقلية تزييف الحقائق من جانب نظام دمشق هي ما أوصل البلاد إلى ما هي عليها الآن، بلد مفكك وجغرافيا ممزقة وشعوب منهارة.

*- معركة فرض وكسر الإرادات ولى زمنها، خاصة بعد أن حاصرت قوات سوريا الديمقراطية المربعات الأمنية في قامشلو والحسكة، وأصبحت تلك المربعات سجون مؤقتة لمسؤولي النظام السوري في المناطق الكردية.

*- الإعلان عن أن النظام السوري لا يحق له التحدث عن التبعية والانفصالية، لأنه لا يرى المصلحة الوطنية الداخلية ويستقوي بأجندات خارجية.

   بعد المعارك الأخيرة، التي انتهت بوساطة روسية، يجب على النظام الاعتراف بأنه لا يملك أوراق قوية في شرق الفرات، وأن المنطقة خاضعة لسيطرة قوات سوريا الديمقراطية التي تلمك أوراق قوية جداً في وقف غرور حكومة دمشق، وأن الجانب الروسي يعي هذه الحقيقة ويجب أن يعيها النظام السوري أيضاً، وأن استمرار التفاهمات بين الجانبين في دمشق هي المفضية إلى الحلول لكل تلك الأزمات التي تمر بها البلاد، في غياب الحل السياسي وغياب الإرادة الدولية للحل، لأن أحد أهداف “قسد” الأساسية هو التوصل إلى اتفاق داخلي مع النظام السوري وهو ما أعلن عنه الجنرال مظلوم عبدي قائد قوات سوريا الديمقراطية.

فتح الله حسيني

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى