آراء

الائتلاف السوري بين فكي كماشة

   قد لا يختلف اثنان من أن الائتلاف السوري مطوقة من النظام التركي الذي صادر قرارها السياسي وأدلجها بأيديولوجيتها، علماً أنه لم يحظ أي (حراك ثوري) بمثل ما حظي به ثورجيو سوريا بهالة من البروبوغندا الإعلامية، فالأزمة السورية وما آلت إليها الأوضاع الإنسانية والاجتماعية ودخولها إلى النفق المظلم طيلة هذه السنوات العجاف من عمر الحراك الثوري، الذي كان يفتقر إلى برنامج ومشروع سياسي واقتصادي وثقافي متكامل وواضح الرؤية،  وقد اختطفت في مهدها من قبل قراصنة الإخوان المسلمين، في الوقت الذي كان يعاني فيه النخب السياسية والفكرية، من ضعف ووهن، نتيجة السياسات القمعية التي كانت تمارس بحقهم من قبل النظام، ومصادرتها للحياة السياسية والفكرية والثقافية، وهكذا فقد خرج من بين أنقاض الاستبداد نخب مشوهة سرعان ما تحولت إلى فريسة سهلة بين أنياب ومخالب النظام التركي الذي حولهم إلى روبوتات لحماية مصالحه الجيوستراتيجية، وقد رأينا نماذج منهم وكيف ينكرون على الشعب الكردي حتى أبسط حقوقه الآدمية والإنسانية.

   أما بالنسبة للنظام السوري فقد ساهم في تقوية هذا المناخ من خلال لجوئه إلى حل كل القضايا والتحديات بالأساليب الأمنية والقهر، وتحولت سوريا إلى أرض مستباحة للدول الإقليمية والعظمى على حد سواء، وبعد أن انتهت مدة صلاحية المرتزقة التركسوريين لجأت تركيا تجاههم باستعمال أسلوب البلطجة الاقتصادية والسياسية حيث يتم الآن مصادرة ودائعهم المصرفية، وتجفيف مصادرهم المالية ليقدموهم عربوناً على طاولة الصداقة بين أنقرة ودمشق.

   ووسط هذا العبث بمصير الشعب السوري من قبل اللاعبين الإقليميين، كان الخط الذي رسمته الإدارة الذاتية الديمقراطية واضحاً وجلياً، حيث طرحت نفسها كنموذج لحل الأزمة السورية يقتضي الاقتداء بها، وشدّ أنظار الدوائر السياسية والحقوقية والرأي العام، كونها النموذج الأرقى والأفضل، مما أثار حفيظة الأنظمة الغاصبة لكردستان وتوابعهما لاستهداف منجزات هذا الصرح وعبر أدواتها وبوسائل عسكرية تارة وسياسية تارة أخرى، لتفريغها من محتواها، وتشويه ذاكرة الشعب الكردي وكل مكونات المنطقة من خلال التلاعب بالمصطلحات وتبديل اللامركزية السياسية المتفق عليها من قبل أحزاب  pynk، بمصطلحات هجينة لا تغني ولا تسمن من جوع، ونحن قد اعتدنا على هكذا مشاريع ومصطلحات ممسوخة منذ الثمانينيات من القرن الماضي، فالحياة السياسية مواقف ونحن صممنا أن ندخل التاريخ من أبوابها وليس من باب العبيد.

محمد شيخموس

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى