تركيا.. الدولة القلقة والمقلقة

باتت الأحداث تتسارع وتيرتها أكثر فأكثر في عموم المنطقة، وباتت سوريا جزءاً أساساً من هذا التغيير المتسارع، خاصة بعد تضارب المصالح والرؤى حول شكل الحكم المقبل في سوريا، وعدم توقف الصراع التركي – الإيراني، في سوريا، لاسيما وأن الجهتين كانتا الحاسمتين في تمديد عمر الأزمة ومازالتا تشتغلان على هذا النمط الطائفي غير المجدي في بلد عانى صنوف المعارك والدمار والخراب والاقتتال الداخلي.
طبعاً لم يكسب أحد في الحرب السورية، الكل خسر، ولكن نأمل أن نكون حيال بلاد جديدة، تنصت للصوت الداخلي أكثر مما تنفذ الأجندات الخارجية وخاصة التركية والإيرانية.
يبدو، كالعادة وزير الخارجية التركي هاكان فيدان، منزعج من التدخل الإيراني في سوريا، وهو مبسوط في تدخل بلاده في عموم مفاصل دمشق من الجامع إلى الجامعة ومن الأكشاك إلى الملاهي، إذ يصرخ في وجه إيران “إذا كنت تريد خلق إزعاج في بلد آخر من خلال دعم مجموعة في بلد آخر، فإن هذا البلد سيخلق إزعاجاً لك من خلال دعم مجموعة أخرى في بلدك، لم يعد بالإمكان إخفاء أي شيء في العالم بعد الآن، فما تملكه أنت، يملكه غيرك، لذلك إذا كنت لا تريد أن يُلقى حجر على نافذتك، فلا تلقي الحجارة على نافذة شخص آخر”.
طبعاً فيدان يرفض الفيدرالية في سوريا ويرفض اللامركزية أيضاً، وكأن دمشق جزء من المملكة الأتاتوركية، والأجدى لفيدان وأعوان بلاده المغرورين الخارجين عن القوانين الدولية، الالتفات إلى شؤون بلادهم التي ستنهار آجلاً أو عاجلاً، كما كانوا، أولئك الأعوان، هم السبب الأساس في انهيار عدة دول كانت تسمى بالجوار.
سوريا أمام مفترقات طرق كثيرة، أولها فك ارتباط دمشق مع أنقرة، والانفتاح على الداخل السوري المقسم، ومحاول التئام الخرائط الممزقة، وإلا فإن السياسات المفروضة من الخارج على سلطات دمشق يعني ترسيخ التقسيم الذي ربما ترفضه أغلبية المكونات السورية بقوة، ولكن إن فُرض التقسيم فلا مخرج إلا التقسيم ذاته الذي، ربما، لا بديل عنه، حيث مر الأتراك من أغلب الأراضي السورية وإذا مرَّ التركي من أرض ما، يعني الخراب والدمار.
في منحى آخر، ونحن الكرد نريد الابتعاد عن الأتراك وأجنداتهم، نريد ترتيب بيتنا، رغم أنه مرتب، ولكن لا مناص لترتيبه أكثر، وفي أية لحظة ربما يتم الإعلان عن المؤتمر القومي الكردي، ويتم الإعلان عن مخرجاته، وإذا تم عقده وتم إقرار توصياته، فعلينا بدهاً بكل صرامة وضراوة أن نحمي ما تم الاتفاق عليه، أو سنعود إلى النصف القاتم من المربع الأول، وهذه مقامرة لا نريد لعبها، ومغامرة لا نريد، بكل تأكيد الخوض في تشعباتها السلبية.
فتح الله حسيني