الحزب اليساري الكردي يطرح رؤيته السياسية لحل القضية الكردية في سوريا والأزمة السورية
مكتب الإعلام المركزي:
طرح الحزب اليساري الكردي في سوريا رؤيته السياسية لحل القضية الكردية في سوريا والأزمة السورية، التي كان قد أقرها في اجتماعه الموسع الذي عقد في بداية شهر حزيران الجاري 2022م بمدينة قامشلو.
وتتضمن الوثيقة رؤية الحزب السياسية في الأزمة السورية وإيجاد الحلول لها وتبيان تصوره لسوريا المستقبل، وحل القضية الكردية في سوريا، ووحدة الصف الكردي ووحدة المكونات الأخرى، إضافة إلى الحوار بين أطراف الأزمة السورية داخلياً وخارجياً، والموقف من المعارضة السورية.
وفيما يلي نص الرؤية السياسية كاملة:
رؤية الحزب اليساري الكردي في سوريا لحل:
– القضية الكردية في سوريا
– الأزمة السورية
أوّلاً– المقدّمة:
الوجود القومي للشعب الكردي في المنطقة وجود تاريخي وأصيل منذ فجر التاريخ، وقد تعرض وطنه كردستان إلى غزوات كثيرة، ولكنه ظل متشبثاً بأرضه بالرغم من كل الأحداث والتطورات التي جرت في المنطقة، وقد جرى تقسيم كردستان على مرحلتين: التقسيم الأول جرى بعد معركة جالديران 1514م حيث قُسمت كردستان بين الدولتين الصفوية والعثمانية، وتكرس هذا التقسيم في اتفاقية قصر شيرين في عام 1639م، وجرى التقسيم الثاني بموجب اتفاقية سايكس – بيكو في عام 1916م التي قسمت كردستان إلى أربعة أجزاء ألحقت بتركيا وإيران والعراق وسوريا.
ناضل الشعب الكردي طويلاً من أجل نيل حريته وانتزاع حقوقه القومية والديمقراطية، فقام بالعديد من الثورات والانتفاضات ولكنها كانت تقمع وتغرق في الدماء إما بسبب ضعف تلك الحركات، وضعف العامل الذاتي بسبب التكوينات العشائرية، وعدم وجود التنظيم القادر على تعبئة الشعب وتوحيده، وإما بسبب العامل الدولي الذي لم يكن مؤاتياً، ولم يتمكن الكرد من الاستفادة منه بسبب مصالح الدول الكبرى.
ثانياً– الشعب الكردي في سوريا:
منذ انتهاء الاحتلال العثماني لسوريا في عام 1916م وتشكل الدولة السورية لأول مرة في حدودها الحالية، ظل الشعب الكردي في مناطقه الأساسية في الشمال السوري (روج آفاي كردستان) الممتد من الجزيرة إلى عفرين، وتوزع قسم آخر منه في العديد من المناطق السورية الأخرى، علماً أنه كان هناك تواجد أصيل للكرد في دمشق وحماة واللاذقية ودرعا وغيرها منذ عهد صلاح الدين الأيوبي قبل (850) عاماً.
استطاع الشعب الكردي الحفاظ على لغته وخصائصه القومية الأخرى، وشارك في النضال إلى جانب الشعب العربي والمكونات السورية الأخرى في جميع المعارك الوطنية، سواء ضد الاحتلال الفرنسي أو النضالات السياسية والاجتماعية والاقتصادية، وإلى جانب ذلك ناضل من أجل التمتع بحقوقه القومية والديمقراطية، ولكن جميع الأنظمة والحكومات التي تعاقبت على حكم سوريا تنكرت لوجود الشعب الكردي ولنضالاته، وسنّت القوانين ورسمت المشاريع الهادفة إلى إذابة الشعب الكردي في بوتقة القومية العربية فكان الإحصاء الاستثنائي لعام 1962م، وكان الحزام العربي العنصري، وكان الحرمان لمن يتكلم اللغة الكردية وغيرها من سياسات التمييز العنصري، وخلق الفتنة بين العرب والكرد، وهكذا استمرت معاناة الشعب الكردي في سوريا الذي يشكل أكثر من /15%/ من سكان سوريا إلى أن اندلع الحراك الثوري في سوريا في عام 2011م.
ثالثاً– الأزمة السورية:
مرت على الأزمة السورية أكثر من /11/ سنة قاسية من الحرب الداخلية والتدخلات العسكرية الخارجية التي هي بحق حرب في وعلى سوريا، هي ليست حرباً داخلية بحتة وإنما هي – في الوقت نفسه – حرب خارجية على سوريا تستهدف الظفر بسوريا كموقع جغرافي ومنطقة جيوسياسية، وبهذا المعنى فهي أشبه بحرب عالمية ثالثة مصغرة متعددة الأطراف والأهداف، وآخر ما تفكر به تلك الأطراف هو الشعب السوري وطموحه نحو الحرية والديمقراطية.
لقد ساد في سوريا نظام حكم استبدادي منذ ستينات القرن الماضي، نظام حكم يستند إلى نظام الحزب الواحد، تميزت سوريا في ظله بالأحكام العرفية والحكم الأوتوقراطي والاستيلاء على السلطة والثروة، وحكم المخابرات والعسكر يقود الدولة والمجتمع، كما تميز بالتمييز الشديد ضد الشعب الكردي وبالفساد وقمع الحريات العامة…الخ، وكل ذلك أدى إلى نشوب الحراك الثوري في 15/3/2011م تزامناً مع ما سمي بالربيع العربي الذي بدأ في تونس.
بالرغم من توسع هذا الحراك الشعبي الثوري يوماً بعد آخر، لم يقم النظام بتقديم أي حل سوى الحل الأمني العسكري، وبدأ يقمع المظاهرات بكل الأشكال بما في ذلك استعمال الرصاص وقتل المتظاهرين، وبدأت بعض القيادات في المعارضة شيئاً فشيئاً برفع شعارات طائفية وتوجهات الإسلام السياسي، أظهرت بأن الحراك بدأ ينحدر إلى الطائفية من خلال القوى الإسلامية وتحديداً جماعة الأخوان المسلمين، ثم بدأت بحمل السلاح تحت شعار: (حماية المظاهرات) وبذلك بدأ الحراك نحو التسلح.
وبالرغم من أننا قيّمنا هذا الحراك منذ البداية بأنه ثورة شعبية ديمقراطية سلمية، وبالرغم من انضمام الشعب الكردي بكل قواه السياسية إليها، فقد توضح بعد أكثر من ستة أشهر على بدايتها ظهور القوى الإرهابية والتحول نحو الطائفية وتسليح الثورة، وعندها تأكدنا بأن الثورة سرقت بعد أن تمكن الأخوان المسلمون والقوى الإرهابية من ركوب موجة الثورة، وأن الثورة قد أُفرغت من مضمونها كثورة شعبية ديمقراطية سلمية، وعند هذه النقطة اتجه الشعب الكردي نحو خوض الثورة بلونه الخاص ورؤيته الخاصة، وكان يوم 19 تموز 2012م بداية هذه الثورة التي انطلقت من كوباني.
إن من يدقق في الأزمة السورية، أسبابها وملابساتها والتطورات التي مرت بها يدرك بجلاء أن السبب الرئيسي للأزمة هو النظام، ويتحمل المسؤولية الرئيسية عن ما لحق بسوريا والسوريين من قتل وتشريد ومآس إنسانية ومن دمار للبنية التحتية للبلاد، وأن المسؤول بدرجة موازية أو بالدرجة الثانية هو جماعة الأخوان المسلمين السورية والعالمية والمجموعات الإرهابية التي خرجت بالأساس من تحت عباءة أردوغان، وإذا كانت إيران تقود الأولى وتركيا أردوغان تقود الثانية، فإنهما – أي إيران وتركيا – تتحملان مسؤولية إيصال الوضع السوري إلى ما هو عليه، وبالتالي لن يكون هناك حل للأزمة السورية بدون إخراجهما من سوريا، وتنحصر مسؤولية أطراف المعارضة السورية في ضعفها وعدم نضوج رؤاها، واستسلامها لرؤية الأخوان المسلمين وللضغوط الأخرى وبخاصة الضغوط التركية، وبالتالي فإن الحل يجب أن يكون بالدرجة الرئيسية سورياً في حوار سوري – سوري للوصل إلى توافق وطني.
رابعاً– رؤيتنا لحل الأزمة السورية:
إن الأزمة التي تعانيها المنطقة بشكل عام وسوريا بشكل خاص هي أزمة بنيوية عميقة في النظام السياسي والاقتصادي والاجتماعي والثقافي، ومعظم أسبابها تكمن في غياب الديمقراطية وسيادة المركزية الشديدة في جميع مناحي الحياة، وسيادة حالة الطوارئ والأحكام العرفية، وما يتبعها من مصادرة الحريات الديمقراطية وحرية التعبير عن الرأي، وحرية الصحافة وحرية التظاهر وحرية الأحزاب، والتمييز القومي ضد الشعب الكردي وباقي مكونات الشعب السوري، واحتكار السلطة والثروة، والضغط على المجتمع المدني ومصادرة النقابات.
إن أي حل يطرح لحل الأزمة يجب أن يكون حلاً شاملاً وجذرياً لكل مفاصل الحياة في البلاد، وأية حلول ترقيعية لا يمكن لها المساهمة في إخراج البلاد من أزمتها الحالية، ولهذا فإننا نرى أن الحل المنشود يمر عبر:
1- المسألة الديمقراطية هي الحل المفتاحي، الديمقراطية ليس بكونها أسلوباً للإدارة فقط، وإنما بكونها قيمة بذاتها.
2- إلغاء النظام المركزي والتحول إلى النظام اللامركزي السياسي، أي أن تكون سوريا دولة اتحادية.
3- ضمان الحقوق القومية للشعب الكردي دستورياً، باعتباره شعباً يعيش على أرضه التاريخية، وحل قضيته القومية وفق الأعراف والمواثيق الدولية، ومشاركته في الحياة السياسية والاقتصادية والاجتماعية والثقافية.
4- ضمان حقوق جميع المكونات السورية الأخرى.
5- حق التعلم باللغة الأم، ولا مركزية التعليم والمناهج الدراسية الخاصة بكل منطقة اتحادية يجب أن يكون مصاناً في الدستور.
6- صياغة دستور ديمقراطي توافقي للبلاد ينسجم مع طموحات الشعب السوري بكل مكوناته القومية والدينية، ويجب أن تشارك جميع المكونات السورية في لجنة صياغة هذا الدستور.
7- لكي تكون سوريا لجميع السوريين يجب تغيير اسم (الجمهورية العربية السورية)، بحيث لا يقتصر الاسم على مكون واحد، كأن يكون (جمهورية سوريا الاتحادية الديمقراطية).
8- إقامة نظام ديمقراطي برلماني يستند إلى إرادة الشعب.
9- إلغاء جميع الاتفاقيات والمعاهدات التي تضر بمصالح الشعب السوري ومكوناته، بما في ذلك اتفاقيات أضنة الأمنية الموقعة بين الدولتين السورية والتركية.
10- إخراج كل من تركيا وإيران من سوريا، لأنهما المسؤولتان عن وصول الأوضاع في سوريا إلى ما هو عليه، ولأن بقاءهما في سوريا لن يفسح المجال أمام أي حل وطني سوري.
11- أن يكون الحل للأزمة السورية سياسياً وليس عسكرياً، ويبنى على حوار السوريين بأنفسهم برعاية دولية.
12- تحرير الأراضي المحتلة من قبل دولة الاحتلال التركي: (عفرين، إعزاز، الباب، جرابلس، سريكانيه، كَري سبي)، وإعادة سكانها الأصليين إليها وإعادة كل المهجرين والنازحين السوريين إلى بيوتهم.
13- عدالة توزيع الثروة.
14- حرية المرأة وإطلاق طاقات الشباب.
15- احترام حقوق الإنسان وقيمه العليا.
خامساً– رؤيتنا لحل القضية الكردية في سوريا:
إن الحزب اليساري الكردي في سوريا الذي يطرح نفسه كحركة وطنية، وكحركة ديمقراطية، وكحركة تقدمية في آن واحد، وباعتباره جزءاً من حركة التحرر الوطني الكردية، وجزءاً من الحركة الوطنية والديمقراطية في سوريا، وانطلاقاً من سياسته بالربط الجدلي بين العام والخاص، بين الخاص الكردي والعام السوري، وحيث أن نضاله وتوجهاته يشملان كل الوطن السوري، وباعتباره حزباً ماركسياً لينينياً فإنه يناضل من أجل القضية الكردية في سوريا ضمن الإطار الوطني السوري انطلاقاً من المبادئ والأسس التالية:
1- سوريا دولة متعددة القوميات والأديان والمذاهب، وهو مصدر قوة وغنى.
2- وضع دستور توافقي يضمن إقامة نظام سياسي ديمقراطي يعترف بالتعدد ويضمن حقوق جميع المكونات في سوريا.
3- الاعتراف الدستوري بالوجود القومي للشعب الكردي على أرضه التاريخية وحل قضيته القومية وفقاً للمواثيق والأعراف الدولية.
4- الاعتراف باللغة الكردية لغة رسمية في البلاد.
5- ضمان التعليم باللغة الكردية لأبناء الشعب الكردي.
6- إن ضمانة هذه التعددية هو إقامة نظام لامركزي سياسي، أي أن تصبح سوريا دولة اتحادية.
سادساً– رؤيتنا لسوريا المستقبل:
إن أي تشكيل أو بناء جديد للدولة السورية الجديدة عقب الأزمة الراهنة لا يمكن تحقيقه بدون إجراء تغييرات جذرية وهيكلية لبنية الدولة السورية، وبدون تحديد أدق لهوية سوريا المستقبل، ونرى بأن الأزمات المتعاقبة التي مرت بها سوريا وعلى الأخص الأزمة الحالية ليست أزمات طارئة أو عرضية، بل أنها نابعة من النظام الشمولي والمركزية الشديدة في النظام السياسي والاقتصادي والاجتماعي السائد، وفي تغييب الهوية الحقيقية لسوريا، باعتبارها تشكل فسيفساء قومية ودينية ومذهبية جميلة، وليست دولة ذات قومية واحدة أو دين واحد أو مذهب واحد.
الدستور السوري الحالي والدساتير التي سبقته يعتبر من يعيش في سوريا عربياً فحسب، وهذا يؤدي إلى سياسات إنكار الآخر واتباع سياسة الصهر القومي لكل القوميات الأصيلة والتاريخية التي تتشكل منها سوريا، ويبرر بالتالي سياسة الاضطهاد القومي ضد القوميات التي تناضل من أجل حماية وجودها، ومن أجل التمتع بحقوقها القومية المشروعة، ويؤدي حتماً إلى حرمان تلك الشعوب من حقوقها القومية والديمقراطية، ومن لغاتها وثقافاتها ومن فنها وفلكلورها، أي من جميع الخصائص التي تشكل قوماً وشعباً بذاته، وعلى ذلك فإن أي دستور جديد للبلاد يجب أن يضمن التعددية وأن يضمن
الديمقراطية التي هي المفتاح الحقيقي لحل مشاكلها، وأن النظام السياسي القائم على هذه الأسس يضمنها الإقرار الدستوري بالنظام اللامركزي السياسي، وعليه فإننا نعتبر بأن سوريا المستقبل يجب أن تكون دولة ديمقراطية تعددية لامركزية سياسية.
وانطلاقاً مما ذكر فإننا نرى بأن سوريا المستقبل ودستورها ونظام حكمها يجب أن يقوم على جملة من الأسس، من أهمها:
1- إن سوريا دولة متعددة القوميات والأديان والمذاهب، ويجب أن يضمن الدستور القادم هذه التعددية.
2- لا ديمقراطية بدون تعددية ولا تعددية بدون ديمقراطية إحداهما تستدعي الأخرى، وهما مفهومان متكاملان، أي أن سوريا يجب أن تكون دولة ديمقراطية تعددية.
3- إن ضمانة التعددية والديمقراطية هي اللامركزية السياسية.
4- إن الاتحادية (الفيدرالية) ليس تقسيماً للبلاد وليس انفصالاً، بل بالعكس هي الاتحاد، ولهذا فإننا نحارب التقسيم وندافع عن حدود الدولة السورية.
سابعاً– الحوار بين النظام والإدارة الذاتية، ومفاوضات جنيف واللجنة الدستورية:
نرى أن مفاوضات جنيف ومفاوضات اللجنة الدستورية، وبالطريقة التي تمت وإبعاد ممثلي الإدارة الذاتية عنها، كان خطأ كبيراً يتحمل مسؤوليتها النظام والمعارضة، كما يتحمل مسؤوليته المجتمع الدولي وبخاصة روسيا والولايات المتحدة (التحالف الدولي)، باعتبارهما الطرفان الأساسيان المتدخلان عسكرياً في الأزمة السورية، وكان من الضروري أن تصرّا على إشراك الإدارة الذاتية وترغما تركيا وإيران والنظام على القبول بذلك، ونرى بأن أية مفاوضات تجري بهدف حل الأزمة السورية بغياب ممثلي الإدارة الذاتية سيكون خطأ أكبر آخر، ولن تفضي إلى أي حل حقيقي.
ونرى أيضاً بأن النظام السوري غير مؤهل في الأساس للدخول في حوارات حقيقية وجادة مع الإدارة الذاتية، وغير مؤهل للدخول في حوارات حقيقية من أجل حل القضية الكردية في سوريا، لأنه لا يملك قرار الحوار والحل، ولأنه لا يؤمن بالحل السياسي للأزمة السورية أولاً وبحل القضية الكردية ثانياً.
وانطلاقاً من كل ذلك، ومن بعض الدعوات الدولية نوافق على الحوار مع النظام من حيث المبدأ، وببرنامج واضح يستند إلى:
1- سوريا دولة ديمقراطية تعددية لامركزية سياسية.
2- الاعتراف بالإدارة الذاتية الديمقراطية.
3- الاعتراف الدستوري بوجود الشعب الكردي كشعب يقيم على أرضه التاريخية، وحل قضيته وفق الأعراف والمواثيق الدولية.
4- الاعتراف بقوات سوريا الديمقراطية كقوة شرعية، وإيجاد وضع خاص لها في إطار التشكيل القادم للجيش الوطني السوري.
ثامناً– وحدة الصف الكردي ووحدة مكونات شمال وشرق سوريا:
نعتبر وحدة الصف الكردي ووحدة نضال الشعب الكردي مصدر قوة الشعب الكردي، هذه الوحدة التي حاول ويحاول أعداء الكرد على الدوام ضربها وتمزيق أوصالها، وخلق الفتن من أجل إضعافه.
ننطلق من أجل وحدة الصف الكردي، والتقريب بين قواه السياسية من حقيقة أن التناقض الرئيسي هو بين الشعب الكردي وغاصبي حقوقه، وأن التناقض بين القوى السياسية للشعب الكردي هو تناقض ثانوي، وأن هذا التناقض يجب أن يحل عبر الحوار، ولهذا فإننا نساند الحوار كمنطلق رئيسي لحل الخلافات، وانطلاقاً من هذه الرؤية والقناعة فإننا نساند بقوة مبادرة السيد مظلوم عبدي قائد قوات سوريا الديمقراطية، ونطالب كافة الجهات المعنية بالحوار التحلي بالمسؤولية وبذل كل الجهود المطلوبة لإنجاحه، ونطالب غير المنضمين إلى المبادرة بالانضمام إليها.
وفي الوقت ذاته، وفي نفس السياق، نرى ضرورة العمل الجاد من أجل وحدة كافة مكونات شمال وشرق سوريا من الكرد والعرب والسريان وغيرهم من المكونات، ويجب أن يتسم العمل من أجل هذه الوحدة بالجدية اللازمة، وهو نابع من ضرورات التعايش المشترك في ظل احترام وحماية الحقوق السياسية والثقافية والاجتماعية لكافة المكونات، ونؤكد بأن وحدة الصف الكردي لا تتعارض مع وحدة المكونات وإنما تعززها وتزيدها زخماً.
تاسعاً– الموقف من المعارضة السورية:
بسبب حالة الطوارئ التي سادت سوريا منذ عام 1963م، وبسبب الاستبداد والقمع الذي مورس ضد الأحزاب والقوى السياسية في البلاد والتفرد بالسلطة، وبسبب الانقسامات التي سادت في صفوفها فقد ضعفت تلك الأحزاب، ولم تتشكل معارضة وطنية ديمقراطية قوية، ولذلك فإن تلك المعارضة عانت من مختلف المشاكل، ولم تتشكل لديها الرؤى والبرامج الواضحة.
وعندما بدأ الحراك الثوري في سوريا في عام 2011م لم تستطع المعارضة قيادة هذا الحراك، ولأن الإسلاميين كانوا أكثر تنظيماً، وكانوا يتلقون الدعم من جهات عديدة، فقد استطاعوا ركوب موجة الثورة، وأن يذهبوا بهذا الحراك بعيداً عن خطه الأساسي كثورة شعبية ديمقراطية سلمية، وعند هذه النقطة فقد تأسس ائتلاف قوى الثورة والمعارضة السورية في الدوحة عاصمة قطر في عام 2012م وهو أمر له دلالته، وبدرجة رئيسية من المجلس الوطني السوري وإعلان دمشق وقوى مختلفة ومتناقضة في كثير من الأحيان، ولكنه كان يحظى بدعم وتأييد عدد كبير من دول العالم، وبخاصة تركيا وقطر، حيث أصبحت مدينة استنبول مقراً له، وهذا أيضاً أمر له دلالته.
لم يحافظ الائتلاف على استقلاليته ككيان للمعارضة السورية طويلاً، إذ سرعان ما دبّت الخلافات بين صفوفه، وظهرت تبعية القوى والأشخاص إلى دول بعينها وأصبحت راعية لمصالحها، وسرعان ما سيطرت تركيا وقطر وجماعة الأخوان المسلمين على مقدّرات وقرارات الائتلاف، وانتشر الفساد في كل مفاصله، وهذا ما جعل معظم الدول تتراجع عن تأييده وإيقاف دعمها له، ويعاني الائتلاف الآن من الضعف والصراعات الداخلية والاتهامات المتبادلة بين هيئاته، وغادرته العديد من القوى والشخصيات الوطنية، وبهذا لا يمكن إطلاق صفة المعارضة الوطنية الديمقراطية عليه، وهو ائتلاف
معادٍ على طول الخط للشعب الكردي وتطلعاته نحو الحرية، إذ شارك مع تركيا ومرتزقتها في احتلال عفرين وسريكانيه وكَري سبي، ولا يزال سائراً في خدمة الأخيرة المعادية للشعب الكردي والإدارة الذاتية في روج آفاي كردستان وشمال وشرق سوريا.
لكل تلك الأسباب فإننا نرى بأنه تنتصب أمام كل الوطنيين والديمقراطيين مهمة إعادة تشكيل معارضة وطنية ديمقراطية حقيقية من القوى والأحزاب داخل البلاد وخارجها، وأن ذلك يجب أن يلقى الدعم والمساندة من كل القوى والجهات الحريصة على مستقبل سوريا، وهذا يتطلب فتح حوار جاد بين مختلف أطراف القوى السياسية، ونطالب جميع تلك الأطراف بالبدء في هذا الحوار.
عاشراً– الإدارة الذاتية الديمقراطية:
تأسست الإدارة الذاتية الديمقراطية في البداية في روج آفاي كردستان ومن ثم في شمال وشرق سوريا في دير الزور والرقة والطبقة ومنبج بعد تحريرها في ظروف هامة ودقيقة من تاريخ سوريا وأزمتها الحالية.
إن تأسيس هذه الإدارة لم يكن حدثاً عرضياً أو طارئاً، وإنما اقتضته ضرورات وحقائق سياسية وتاريخية واجتماعية وثقافية تعكس حقيقة التركيب السكاني القومي والاجتماعي والثقافي لسكان هذه المنطقة.
إن الإدارة الذاتية الديمقراطية لا تشكل خطوة نحو الانفصال عن سوريا، وإنما تعكس الاتجاه لتأسيس سوريا المستقبل، سوريا ديمقراطية، تعددية، لامركزية سياسية، إضافة إلى أنها تُعتبر تجربة ديمقراطية وأنموذجاً لحل الأزمة السورية، وتعبّر عن تطلعات أوسع القطاعات الشعبية والمكونات السورية.
أصبحت الإدارة الذاتية الديمقراطية وقوات سوريا الديمقراطية قوة رئيسية في سوريا، وجزءاً أساسياً في أي حل حقيقي للأزمة السورية، كما أنها تتمتع بدعم العديد من دول العالم.
إننا نفتخر بأننا كنا من المشاركين الأساسيين في تأسيس الإدارة الذاتية ولازلنا شركاء أساسيين فيها، وقدمنا في سبيل ذلك كوكبة من الشهداء من قيادة الحزب وأعضائه، ونقدم لها كل الدعم والمساندة، ونطالب بتطويرها وتعميق تجربتها الديمقراطية.
حزيران – 2022م
الحزب اليساري الكردي في سوريا